سورة الزمر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


خاطَبَهم على قَدْرِ عقولهم وعقائدهم حيث قالوا: المسيحُ ابن اللَّهِ، وعُزَيْرُ وَلَدُ اللَّهِ؛ فقال: لو أراد أن يتَّخِذَ وَلَداً للتبنِّى والكرامة لاخْتَارَ من الملائكة الذين هم مُنْزَّهون عن الأكل والشرب وأوصاف الخَلْقِ.
ثم أخبر عن تَقَدُّسِه عن ذلك فقال: {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} تنزيهاً له على اتخاذ الأولاد.... لا في الحقيقة لاستحالة معناه في نَعْتِه، ولا بالتبنِّي لِتَقَدُّسِه عن الجنسية والمحالات، وإنما يذكر ذلك على جهة استبعاد،؛ إذا لو كان ذلك فيكف كان يكون حُكْمُه؟ كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22].


قوله جلّ ذكره: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِ}.
أي خَلَقَهما وهو مُحِقٌّ في خلقهما.
{يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكّوِّرُ النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌ يَجْرِى لأَجَلٍ مُّسَمًّى}.
يُدْخِلُ الليلَ على النهارِ، ويدخل النهارَ على الليل في الزيادة والنقصان، وسَخَّرَ الشمسَ والقمرَ. وقد مضى فيما تقدم اختلافُ أحوالِ العبد في القبض والبسط، والجَمْع والفَرْق، والأخذ والرد، والصحو والسُّكْرِ، ونجوم العقل وأقمار العلم، وشموس المعرفة ونهار التوحيد، وليالي الشَّكِّ والجَحْدِ ونهار الوصل، وليالي الهجر والفراق وكيفية اختلافها، وزيادتها ونقصانها.
{أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}.
العزيز: المتعزِّز على المحبين، الغفار: للمذنبين.


[النساء: 1] يعني آدم وحواء.
{وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ} أي خلق لكم، {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} فمن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الضأن اثنين، ومن المواشي اثنين.
{يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ}: أي يصورِّكم، ويُرَكِّب أحوالكم.
{فِى ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ}: ظلمة البطن، وظلمة الرَّحِم، وظلمة المشيمة. ذَكَّرَهم نسبتهم لئلا يُعْجَبُوا بأحوالهم.
ويقال بَيَّنَ آثار أفعاله الحكيمة في كيفية خِلْقَتِك- من قطرتين- أمشاجاً متشاكلةَ الأجزاء، مختلفة الصُّوَرِ في الأعضاء، سَخَّرَ بعضَها مَحَالَّ للصفات الحميدة كالعلم والقدرة والحياة , وغير ذلك من أحوال القلوب، وسَخَّرَ بعضها مَحَالَّ للحواش كالسمع والبصر والشَّمِّ وغيرها.
ويقال هذه كلها نِعَمٌ أنعم اللهُ بها علينا فَذَكَّرَنا بها- والنفوسُ مجبولةٌ، وكذلك القلوبُ على حُبِّ مَنْ أحسن إليها- استجلاباً لمحبتنا له.
{ذَالِكُمْ اللَّهُ رَبِّكُمْ...} أي إن الذي أحسن إليكم بجميع هذه الوجوه هو ربُّكم. أي: أنا خلقتكم وأنا رزقتكم وأنا صَوَّرتُكم فأحسنت صُورَرَكم، وأنا الذين أسبَغْتُ عليكم إنعامي، وخصصتكم بجميل إكرامي، وأغرقتكم في بحار أفضالي، وعرفتكم استحقاق جمالي وجلالي، وهديتكم إلى توحيدي، وألزمتكم رعايةَ حدودي فما لكم لا تَنْقَطِعون بالكلية إليَّ؟ ولا ترجون ما وَعَدْتُكم لديَّ؟ وما لكم في الوقت بقلوبكم لا تنظرون إليَّ؟

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8